سوريا ولبنان

اتصالات لبنان: الداتا في خدمة العدو

في ظل انشغال اللبنانيين بالأزمات الاقتصادية والبيئية وبالحديث عن محاربة الفساد لا سيما بعد تأخر تشكيل الحكومة، تعاقدت شركة أوجيرو مع شركة أميركية متخصصة في شبكات الخدمات الرقمية، يمكنها إجراء تدقيق تقني ميداني في البنية التحتية لشبكة الإنترنت اللبنانية وتحليل تقني على كل تجهيزاتها، من دون الرجوع الى الحكومة ومجلس النواب، ما يجعل لبنان أمام خرق أمني جديد يبيح المحظورات ويتسلل الى أسرار كل لبناني، دون إقامة اي اعتبار لخصوصية اللبنانيين، بشكل ينذر بخطورة وصول العدو الصهيوني إلى داتا الاتصالات.

الغريب في الأمر أن وزير الاتصالات جمال الجرّاح ومستشاره نبيل يموت ومدير عام هيئة أوجيرو عماد كريدية يعرفون مدى خطورة ما أقدموا عليه وتأثيره على الأمن اللبناني، فوضع الشبكة وأسرارها ومفاتيحها أمام شركة أجنبية، يعني انكشاف البلد على العدو الخارجي، وهذا الأمر ينتيج عنه عواقب وخيمة، هذا ما يقول مراقبون. حث يكشفون أن خطورة هذا الأمر أنه يكشف شبكة الإنترنت اللبنانية وأسرارها ومفاتيحها أمام شركة أميركية تريد نقل جميع هذه المعلومات إلى خارج لبنان ما يهدّد أمن وسلامة الشبكة ويعرضها للخطر، فدخول الشركة على هذا النحو إلى أنظمة المعلوماتية التشغيلية، يسمح لها بالدخول إلى نظام البريد الإلكتروني الداخلي، ومعرفة عناوين ومفاتيح السر لجميع العلب الهاتفية البريدية الإلكترونية للعاملين في الهيئة، وإمكانية التلاعب بها واستخدامها.

وبالتالي فإن ما أقدمت عليه وزارة الإتصالات هو جريمة بحق اللبنانيين، وهذا سيكشف لبنان أمام العدو الصهيوني الذي يعمل في الليل والنهار على التجسس على أمن كل لبناني، وفق ما يرى خبير الإتصالات اللبناني العميد المتقاعد محمد عطوي، الذي يؤكد أن هذا الأمر سيخلق مشاكل للمواطن اللبناني هو بالغنى عنها، متسائلاً من سيحاسب الوزارة على فعلتها؟

ويتابع عطوي كلامه، لافتًا إلى أن “غالبية شركات شبكات الخدمات الرقمية تدار من أجهزة الإستخبارات الصهيونية ومؤسسوها هم ضباط كبار في جهاز الموساد، وهناك تنسيق بين معظم هذه الشركات الأميركية والكيان الصهيوني”، مضيفًا أن “من مخاطر هذا الأمر، تَسلُّل هذا الكيان الى البّنوك، وكشف السّرية المصرفيّة لكل مواطن، واللعب بماليته ومالية البلد ككل، عبر إجراءات وأطر معلوماتية وحسابية يعمد من خلالها الى تغيير كل المعلومات المصرفية للزبائن”.

ويشير الى أن هذا الموضوع في غاية الخطورة، حيث أن “هذه الشركات تستطيع وبكل بساطة عبر دخولها الى داتا الاتصالات في أوجيرو أن تخرق الأجهزة الأمنية اللبنانية ويذهب تعبها هباءً، عبر تضليلها للتحقيقات والمعلومات الأمنية التي تكون قد حصلت عليها هذه الأجهزة عن كل مواطن أو إرهابي أو عميل، وفي هكذا حالة تستطيع هذه الشركات أن تؤثر على مجريات التحقيق التي تعتمد عليها المحاكم اللبنانية في كثير من الأحيان لدى محاكمتها الموقوفين، وبالتالي تستطيع بهكذا خروقات أن تنقذ أكبر الإرهابيين من السجن، ناهيك عن زرع الفتن هنا وهناك، وتفكيك أوصال المجتمع اللبناني والنيل من بيئة الجيش والشعب المقاومة”، معتبرًا أن “ما عجز عنه العدو الصهيوني بالحرب يستطيع أن ينال منه بهكذا أساليب”.

ويختم عطوي حديثه بالقول إن “خطوة الوزير الجراح غير قانونية، ويجب عرض الأمر على مجلس الوزراء لأخذ قرار بشأنه، كما أن غياب الهيئة الناظمة للإتصالات سمحت لأوجيرو أن تتمادى في خطوتها هذه (انتهى تعاقد الهيئة أيام الوزير بطرس حرب ولم يجدد لها)، فضلاً عن أن هيئة الإتصالات النيابية لم تعلم بالإتفاق مع الشركة مطلقًا”.

بدوره، الخبير الإستراتيجي العميد المتعاقد هشام جابر، يشير إلى أن “هناك خطورة كبيرة تنتج من هكذا عقود مع شركات شبكات الخدمات الرقمية، كما حصل مع المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي شكلت عام 2007، وبالسماح لها من قبل الحكومة في الإطلاع على داتا المعلومات لكل اللبنانيين، وبما فيها معلومات عن الطلاب الجامعيين، أخذت تتدخل في شؤون العديد من المواطنين وتتهم بعضهم زورًا بعلاقته بإغتيال الشهيد الحريري، في الوقت الذي تخفي فيه حقيقة الإغتيال وتضليل المجتمع عبر شهود زور مأجورين”، ويضيف أن “كل الأجهزة الأمنية اللبنانية أصبحت مكشوفة أمام المحكمة الدولية، وبالتالي أصبح أمن بلدنا مرهون للخارج”.

وفي الختام لا بد لنا أن نسأل، إلى متى سيظل أمن المواطن اللبناني ومعلوماته عرضة للتجسس نتيجة غياب المراقبة والمحاسبة والتهديد الدائم بكشف داتا الاتصالات؟ ولماذا هذا الإنكشاف الأمني في قطاع الاتصالات؟

حسين محمد كوراني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى